المجتمع الكويتي لا يختلف عن بقية المجتمعات الاخرى، من حيث التركيبة السكانية، فهناك مؤسسون، أو ما يسمى بالاوائل، وهناك المهاجرون الذين لحقوا بهم من وقت لآخر، ولعل الكويت تميزت منذ القدم باندماج ابناء المجتمع داخل اطار الوطن، الا ان هذا الاندماج لم يكن كما ينبغي، ولم تستغله السلطة لتجعل منه الحصن الحصين للوحدة الوطنية، ولانه كان عفويا ومن دون تبني السلطة او المؤسسات المدنية، بقي في مهب الريح، ولعل تجربة الغزو العراقي الغاشم كانت خير دليل على هذا الاندماج الذي اثبت ان الشعب الكويتي بكل فئاته متوحد ومتحد.
بعد التحرير لم تع الدولة اهمية هذا الاندماج ولم تعره اي اهتمام على ارض الواقع وتركت كعادتها الامور تسير على البركة التي اعتقد انها لم تعد كما كانت في عهد الاسلام فاستغل البعض ذلك الاهمال ليكرس بسببه كانتونات طائفية وقبلية وطبقية ليحقق لنفسه مصلحة شخصية، ومع ذلك فلا توجد خطورة في هذا رغم عدم قناعتي بها ان كانت تلك الكانتونات مندمجة في بوتقة الوطن والتفاخر بالانتساب اليه، الا اننا لاحظنا ما نخافه ونخشاه وهو الانسلاخ من هذه البوتقة، وقد يعتقد البعض انني ابالغ، الا ان حقيقة الامر خاصة في الاونة الاخيرة توجب على الجميع تدارك ما نمر به من انزلاق خطير في مسألة الوحدة الوطنية والولاء المطلق للبلد.
ما يجري اليوم في مجتمعنا هو تفكك لهذا الاندماج حيث اصبح لدينا اليوم انقسام واضح طائفي، قبلي - حضري، وخرج من هذا الانقسام انقسامات صغيرة داخل تلك التقسيمات فالشيعة مثلا لديهم من يفتخر بانه شيعي حساوي واخر شيعي علمي، اما القبليون فاصبحوا كل وقبيلته وقسمت تلك الفئات الى قبائل نجدية واخرى شمالية وثالثة جنوبية بل تعدى الامر الى داخل القبيلة الوحدة وافرعها للتنازع على مصلحة معينة والتفاخر بالعدد والنسب، ونأتي الى القسم الحضري الذي لم يسلم هو الآخر من هذه التقسيمات فأصبحوا ينقسمون الى نجادة وزبارة واصيلين وغير اصيلين ناهيك عن التقسيمات التجارية والطبقية.
اذا لم نعد نسمع بشيعي كويتي ولا قبلي كويتي ولا حضري كويتي، وهنا مكمن الخطورة التي من الواجب الانتباه اليها والحذر من انتشارها، ولتنهض السلطة التنفيذية والتشريعية ومؤسسات الدولة المدنية بمسؤولياتها الوطنية لتعديد الاندماج لأبناء المجتمع في بوتقة الوطن واعادة الروح الوطنية بمعناها الحقيقي لابنائنا وتكريس المواطنة الحقيقية لدى الجميع ولنتذكر كلمة امير القلوب الشيخ جابر الاحمد حين قال: «الكويت الوجود الثابت ونحن الوجود العابر..».
محمد الرويحل
الجمعة 5فبراير2010م
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق