بعد ان قامت حكومتنا الرشيدة وبالتعاون مع مجلسنا الموقر بتأجيل جلسات مجلس الامة لاكثر من شهر ونصف ضاربين بعرض الحائط المشاريع والقوانين المدرجة على جدول اعمالهم ومنحنا أجازة قصرية لم يتبقى لنا سوى الحديث عن الاحداث الاخيرة التي تعم الدول العربية خاصة مصر الحبيبة التي نعتبرها محور الارتكاز والعمود الفقري للعرب ونكن لها ولشعبها الحب والتقدير ..
ولأنه ولأول مرة في تاريخ الوطن العربي الحديث يصبح الشارع هو من يقود الاحزاب والنخب السياسية والثقافية في مظاهرات سلمية أقل ما يمكن ان نقول عنها بانها راقية وحضارية وسلمية حيث عكست الصورة الموروثة عن العرب بان من يقوم بالثورات نيابة عن الامة هم العسكر او الاحزاب ..
وأثبتت هذه المظاهرات السلمية بان الشعوب العربية مثقفة وواعية رغم الاضطهاد الذي مورس عليها من قبل أنظمتها مدة طويلة، ولأول مرة نرى مجاميع المتظاهرين بمختلف مستوياتهم الثقافية والاجتماعية هم من يحافظ على الممتلكات العامة ويديرون العمل الوطني بكل اقتدار ورقي عبر تشكيل لجان أذهلت العالم باسرة ، بينما نرى في الطرف الآخر مؤيدي السلطة واعلامها بغاية الهمجية والتخلف والسخافة ..
المظاهرات التي تجوب شوارع مصر وغيرها من الدول العربية لم تكن ستحصل لو أن هناك ديمقراطيات حقيقية في الوطن العربي واحترام للحريات وحقوق الأنسان ولم تكن ستحصل لو أن الانظمة العربية تفهمت مطالب وحقوق شعوبها ، فالمتظاهرين ليسوا بانقلابيون ولا طلاب للسلطة بقدر ما فاض بهم تعامل حكوماتهم معهم باستخفاف وعدم مبالاة فيما يطالبون به من حقوق مشروعة أعترفت بها السلطات بعد فوات الآوان ، وبعد أن فقدت الأنظمة ثقة الشعوب بها الامر الذي جعل المتظاهرون يطالبون بالسقف الأعلى وهو تغيير الانظمة ليضمنوا سلامتهم وسلامة مطالبهم ولتكون رسالة واضحة لمن يأتي لسدة الحكم فيما بعد ..
باعتقادي ان الدول التي لم تشهد مظاهرات أو لا تزال مظاهراتها في طور البداية عليها أن تبادر باستعادة ثقة الشعب بها وتقوم بترميم علاقتها بشعوبها من خلال البدء بعمل أصلاحات سياسية وجذرية من شأنها أن تمنح شعبها كافة حقوقه دون الاعتماد على مؤيدي السلطة وزبانيتها من مرتزقة ومطبلين ووسائل اعلام فاسدة فالعقول الفاسدة لم تعد تؤثر الا على من تحيط به وعالمنا اليوم لم يعد عالم الأمس ..