الحرية هي أن تمارس ماهو مسموح لك بكل حرية .. مع يقينك أن للآخرين حرية أيضا فلا تعتدي على حرياتهم ..

الثلاثاء، 13 يناير 2009


نريد وزراء تكنوقراط
أعجبني المثل الاماراتي القائل «البحر له ناس لفيحة يعرفون التوح من اليره...مب كل من تاح سريحة قال هذا خيط بايره»، وهذا المثل يحذر الاشخاص الذين ليست لديهم خبرة في اي مجال من مجالات الحياة من اقحام انفسهم فيها، ويصبحون مجالا لسخرية الآخرين، وعليهم ان يتركوا المجال لذوي الاختصاص.هذا المثل الذي اعتقد انه يجب ان ينطبق على اعضاء الحكومة واقصد بأن لا يقحموا انفسهم في قبول اي حقيبة وزارية دون ان يكونوا ملمين بها ويمتلكون القدرة والخبرة في ادارتها وألا يورطوا انفسهم او رئيسهم امام البرلمان والمواطنين. اي انه لا يجوز لصيدلي مثلا ان يقبل بتولي حقيبة التجارة والصناعة بدلا من توليه وزارة الصحة ووكيل بوزارة التربية يتسلم مهام وزارة الصحة، ورغم ايماننا المطلق بأن المنصب الوزاري هو منصب سياسي، فإنه ومن التجارب السابقة لوزرائنا ثبت أن غالبيتهم لا يتمتعون بالخبرة في ادارة شؤون وزاراتهم، الامر الذي يسبب لهم المشاكل ومن ثم عرقلة العمل، فقبول الوزارة مسؤولية وطنية ومهمة عظيمة لا يمكن بأي شكل من الاشكال ان تناط بأشخاص لا يمتلكون الخبرة في ادارة قسم صغير فما بالكم بوزارة مترامية الاطراف. وحكومتنا المستقيلة جاءت على اساس الترضية والمحاصصة نتيجة مخرجات الانتخابات الاخيرة، من دون ان تكون ذات خبرة او حنكة سياسية ودون انسجام في ما بين اعضائها، ودون ان يستطيع اعضاؤها ان يتقدموا ببرامج عملهم رغم كل الامكانات المتاحة لهم، فما كان لها الا ان فشلت فشلا ذريعا ادى نهاية الامر الى استقالتها وهي لم تكمل حتى عامها الاول.ولأن البلد يمر بأحلك الظروف الاقليمية والمحلية، في ظل وجود مشاكل وازمات متراكمة، فيجب على الحكومة القادمة ان تراعي تلك الامور وتأتي بحلول جذرية لها لتبدأ مرحلة التنمية والبناء. ولذلك نتمنى من سمو رئيس مجلس الوزراء أن يغير النمط المعتاد في اختياره لاعضاء حكومته، وان يعتمد على وزراء من التكنوقراط واصحاب الخبرة والاختصاص وغير محسوبين على اي جهة سواء كانت كتلة سياسية او قبيلة او طائفة او عائلة، وبالتالي لا يستطيع كائن من كان ان يخترق اعضاء حكومته ولا يساومهم ولا يؤثر في ادائهم في وزاراتهم، علما بأن التجربة الاخيرة في اختيار الوزراء التي مثلت جميع الكتل البرلمانية لم تستطع الصمود امام استجواب لم يحظ بدعم من غالبية اعضاء البرلمان، وكانت الحكومة تمثل في تركيبتها ممثلين عن كل كتلة برلمانية.ما يتطلع اليه المواطن في حكومته القادمة ان يكون اعضاؤها قادرين على تحمل مسؤولياتهم الوطنية والدستورية، واكفاء في مواجهة السلطة التشريعية حسب ما نص عليه الدستور، وان لا يتخفوا من الادوات الدستورية لزملائهم اعضاء مجلس الامة فالكويت لم تعد تحتمل حكومات مؤقتة ما يلبث اعضاؤها ان يجلسوا على مكاتبهم حتى يبدأوا في جمع اوراقهم للرحيل عنها.هذه المرة خرجنا بهذه النتيجة وهي قد تكون اقل الخسائر، ولكن من يعلم ماذا سيحدث في المرات القادمة ان استمر الوضع كما كان، وتم الاختيار بالنمط القديم نفسه وبطريقة الترضيات والمحاصصة، فنذائر الشؤم تُـخيم على الاجواء، والمواطنون ازدادت مخاوفهم مما حدث وقد يحدث اذا ما حدث تغيير شامل في السياسة المتبعة في التشكيل الحكومي وادائه القديم الذي لا يتواكب مع تطلعات الوطن والمواطنين ولا مع ما خلفته الحكومات السابقة، من ازمات ما زالت عالقة من دون حلول تذكر.
محمد الرويحل
جريدة القبس العدد 12771 - تاريخ النشر 19/12/2008

ليست هناك تعليقات: