ساسة الكويت لا يمكن أن نجد لهم نظراء في أي بقعة في الأرض، ولا يمكن لأحد أن يحقق ما قد يحققونه من اختراعات لا نظير لها في علم السياسة، فساستنا مختلفون فكرياً وأيديولوجيا، ومع ذلك تجدهم من السهل أن يتفقوا لتكوين كتل سياسية تشبه الكور المخلبص، حيث يجتمع بها السلفي على الليبرالي على الوطني على الحدسي مع شوية محللين من أجل غرض ما في نفس يعقوب، ولأن هذا الجمع الغفير ضم في طياته كل ما هو نقيص للآخر في فكره ونهجه فلا يمكن أن يطلق عليه اسم بعينه، الأمر الذي جعل لغة الأرقام تلعب دورها، بل يقال إن الأرقام هي الرابط الوحيد الذي جمع كل ذلك الخليط في بوتقة الكتلة، ولأن الآخرين من ساستنا العظام يمتازون كغيرهم بخاصية الحسد والغيرة أبوا إلا ان يصنعوا لأنفسهم كتلة رقمية أخرى، وهي لا تختلف كثيراً عن الأولى رغم تضاد مطالبهم واختلاف مساعيهم، ويربط الكتلتان رابط الأرقام. فكل منهم مهووس بلغة الأرقام وهدفه الرئيسي من تكوين هذه الكتلة أو تلك هو الرقم حتى لو كانت لهذا الرقم عبارات ورتوش من شأنها تعديل تلك الأرقام لزوم الديكورات. الأغرب من كل ذلك، أن ساستنا، ورغم تاريخهم الطويل والمليء بالتجارب الدستورية، غفلوا عن الدستور وتناسوا أن الكويت دولة مؤسسات وقانون وان ما قاموا به ممكن أن يقوم به الكثير من أبناء هذا الشعب على اعتبار ان الشعب الكويتي شعب مسيس وهو أمر معروف، ويمكن له أن ينشئ تجمعات رقمية بعد نواب مجلس الأمة أي 50 تجمعا رقميا يبدأ بمجموعة رقم واحد وينتهي بالخمسين، وهذا ما نخشاه ونخافه ليس فقط على مؤسساتنا الدستورية بل حتى على وحدتنا الوطنية، فبعد تكوين تلك المجموعات قد تخرج لنا مجموعات لا تهتم بلغة الأرقام بقدر اهتمامها بالطائفية والقبلية والفئوية، وهنا تكمن الكارثة خاصة اننا نعيش فوضى سياسة وإعلامية لا مثيل لها.
محمد الرويحل
القبس في 30/10/2003
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق