حين تحدث مشكلة للإنسان ويعجز عن حلها فإنه يتعايش معها يألفها وتألفه حتى وان كانت كارثية عليه وعلى من حوله فعجزه يستوجب عليه ذلك، وحكومتنا الموقرة عجزت وبجدارة عن القضاء على الفساد فاضطرت للتعايش معه والتعامل معه على انه واقع لابد منه ولايمكن استئصاله أو معالجته.
الفساد اصبح في كل مكان في البلد شبر شبر وزنقه زنقه ودار دار حتى تكاد أن تستغرب إن لم تجده في مكان بعينه والغريب أنه سريع الانتشار وبكثافة فائقة، وفي السابق كنا يدوبك نسمع بالفساد بينما اليوم أصبح الفساد ظاهرة من ظواهر المجتمع تم التعايش معها بطرق سلمية بعيدة عن المطاعات والهراوات، فأحببناه وأحبنا وتعايش معنا بسلام ووئام حتى أصبح الفاسد يتباهى بفساده ويفتخر به علانيةً ويعتبره شطارة وذكاء طالما أنه لا يعاقب ولا يحاسب، ويحظى باحترام الناس وحماية الحكومة.
فسادنا تجاوز الحدود وطغى واستكبر حتى أنه لم يكتف بالعبث في أموالنا وأحوالنا فتجاوز تلك الحدود ليصل الى ارواحنا وحياتنا فادخل علينا اللحوم والاسماك والمواد الغذائية الفاسدة غير الصالحة للاستهلاك الآدمي فحاولت الحكومة وعلى عادتها وباستحياء منع تلك الاغذية أو اتلافها واكتفت بذلك على اعتبار أن هذا النوع من الفساد غريب وجديد على مجتمعنا وحتى يتأقلم معه المجتمع يحتاج الأمر لشوية اتلافات على شوية مخالفات وشوية انذارات وتصريحات عبر وسائل الاعلام بين لحظة وأخرى فيعتاد عليها الناس وتصبح الامور عادية وكأنها حالة من حالات الفساد الأخرى ويادار مادخلك شر.
والمتابع لهذه القضية قد يشيب شعر جفونه قبل أن يشيب رأسه حين يقرأ خبر الحملات التي تقوم بها البلدية على تجار اللحوم والمواد الغذائية الفاسدة والاطنان التي يتم اتلافها وينتابه الخوف بكل لقمة يتناولها هو وافراد أسرته حيث لا يعرف اسماء الشركات ولا التجار الذين يمارسون هذا النشاط القاتل والمدمر والذي لم يعلن عنهم من قبل الحكومة، ولم تذكر لنا في تصريحاتها من هم الذين يتاجرون بأرواحنا لذلك وبعد أن بدأنا نفقد الثقة حتى فيما نأكله ونشربه أتمنى بان تنظم حملة شعبية وبمشاركة التجار الشرفاء الذين لو صمتوا سوف تشوه سمعتهم ويكون شعار هذه الحملة ملاحقة تجار الفساد زنقة زنقة وشبر شبر ومخزن مخزن لننظف بطوننا من فسادهم ونقضي عليهم قبل أن يقضوا علينا فيبدو أنهم أقوى من الحكومة التي لم تستطع حتى الآن كشف أسمائهم لنا.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق